أسباب صغر حجم الجنين وعلاجها

أسباب صغر حجم الجنين

تعتبر فترة الحمل من أمتع الفترات في حياة المرأة، إلا أنَّها قد تترافق مع العديد من التحديات والمشكلات الصحية، مثل صغر حجم الجنين. يُعدّ صغر حجم الجنين أحد الموضوعات الطبية الهامة التي تحظى بالكثير من الاهتمام، حيث يشير إلى الحالة التي يكون فيها الجنين أصغر من المعتاد بالنسبة لعمره الحملي. قد يكون لهذا الأمر تأثيرات صحية على الأم والجنين على حد سواء، ما يستدعي دراسة دقيقة لأسبابه وعواقبه، إضافة إلى الطرق الممكنة للوقاية والعلاج.

مفهوم صغر حجم الجنين

يشير مصطلح “صغر حجم الجنين” إلى حالة يكون فيها وزن الجنين أقل من المعدل الطبيعي بالنسبة لعدد الأسابيع التي مرَّت في الحمل. عادة ما يتم تحديد هذه الحالة بناءً على قياسات معينة، مثل الوزن والطول ومحيط الرأس. يُعتبر الجنين “صغيرًا جدًا” إذا كان وزنه أقل من الوزن الطبيعي المتوقع لمثل عمره الحملي، وتُعرف هذه الحالة طبيًا بـ “تقييد نمو الجنين داخل الرحم” (IUGR).

أسباب صغر حجم الجنين

تتعدد الأسباب التي قد تؤدي إلى صغر حجم الجنين، وتتنوع بين العوامل الوراثية والبيئية. يمكن تقسيم هذه الأسباب إلى فئات رئيسية تشمل العوامل المرتبطة بصحة الأم، العوامل الجينية، والعوامل المرتبطة بالأجنة نفسها.

1. العوامل المرتبطة بصحة الأم

أ. الأمراض المزمنة

من أبرز الأسباب التي قد تؤدي إلى صغر حجم الجنين هي إصابة الأم ببعض الأمراض المزمنة مثل:

• ارتفاع ضغط الدم: يُعدّ ارتفاع ضغط الدم أحد الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى تقييد نمو الجنين داخل الرحم. يمكن أن يؤثر ارتفاع ضغط الدم على تدفق الدم إلى المشيمة، مما يعيق وصول الأوكسجين والمواد الغذائية إلى الجنين، مما يؤدي إلى تأخر نموه.

• داء السكري: يؤثر مرض السكري على الحمل بعدة طرق، من أبرزها تأثيره على الأوعية الدموية والتغيرات الهرمونية التي تؤثر على نمو الجنين. كما قد تؤدي مستويات السكر المرتفعة في الدم إلى تقييد نمو الجنين.

• أمراض القلب والأوعية الدموية: بعض أمراض القلب قد تؤدي إلى تقليل تدفق الدم إلى المشيمة، مما يعيق وصول المواد الغذائية إلى الجنين.

ب. سوء التغذية

تعتمد صحة الجنين بشكل كبير على تغذية الأم. إذا كانت الأم تعاني من سوء التغذية أو نقص في بعض الفيتامينات والمعادن الضرورية مثل الحديد وحمض الفوليك، فإن ذلك قد يؤدي إلى تقييد نمو الجنين داخل الرحم. نقص البروتينات والسعرات الحرارية يؤدي إلى عدم تزويد الجنين بالعناصر الغذائية اللازمة لنموه الطبيعي.

ج. التدخين والكحول

تدخين السجائر أو شرب الكحول خلال الحمل يشكل خطرًا كبيرًا على صحة الجنين، حيث يتسبب في تقييد نموه داخل الرحم. النيكوتين والكحول يسببان تضيق الأوعية الدموية ويؤثران سلبًا على تدفق الدم إلى المشيمة، مما يحد من إمداد الجنين بالأوكسجين والمواد المغذية.

د. تناول بعض الأدوية

بعض الأدوية التي تتناولها المرأة أثناء الحمل قد تؤثر سلبًا على نمو الجنين. على سبيل المثال، الأدوية التي تستخدم لعلاج بعض الأمراض المزمنة مثل الأدوية المضادة للفيروسات أو أدوية العلاج الكيميائي قد تؤدي إلى تقييد نمو الجنين.

2. العوامل الجينية والوراثية

أ. العوامل الوراثية

قد يكون لصغر حجم الجنين سبب وراثي، حيث يمكن أن يكون الجنين صغيرًا بسبب خصائص وراثية متعلقة بالعائلة. قد يولد الجنين بوزن أقل من المعدل الطبيعي بسبب الوراثة من أحد الوالدين الذين كان لديهم تاريخ في الولادة لأجنة صغيرة.

ب. العيوب الجينية

بعض العيوب الجينية أو الطفرات في الجينات قد تؤدي إلى صغر حجم الجنين، مثل متلازمة داون أو بعض الاضطرابات الوراثية الأخرى. قد تؤثر هذه العيوب على نمو الجنين بشكل عام، مما يؤدي إلى صغر حجمه بالنسبة لعمره الحملي.

3. العوامل المتعلقة بالمشيمة

المشيمة هي العضو الذي يربط بين الأم والجنين ويوفر له الأوكسجين والعناصر الغذائية. إذا كانت هناك مشاكل في المشيمة، مثل التجلط الدموي أو انفصال المشيمة، فإن ذلك قد يؤثر بشكل كبير على نمو الجنين. يحدث في هذه الحالات تقييد في تدفق الدم إلى الجنين، مما يعيق وصول الأوكسجين والعناصر المغذية اللازمة لنموه.

أ. انفصال المشيمة المبكر

يشير انفصال المشيمة المبكر إلى الحالة التي تنفصل فيها المشيمة عن جدار الرحم قبل الولادة. يمكن أن يؤدي هذا إلى تقليل إمدادات الدم للجنين وبالتالي صغر حجمه.

ب. قصور المشيمة

في بعض الأحيان، تكون المشيمة غير قادرة على أداء وظائفها بشكل فعال، مما يقلل من كمية الأوكسجين والعناصر الغذائية التي تصل إلى الجنين. يمكن أن يحدث هذا بسبب عوامل مثل التلوث البيئي أو مشكلات في الأوعية الدموية في المشيمة.

4. العوامل البيئية والظروف المحيطة

أ. التلوث البيئي

يُعتقد أن التلوث البيئي، مثل تعرض الأم للمواد الكيميائية السامة أو المواد الملوثة في الهواء والماء، يمكن أن يؤثر سلبًا على صحة الجنين ويؤدي إلى صغر حجمه. الملوثات مثل الرصاص والمبيدات الحشرية قد تعيق نمو الجنين.

ب. نقص الأوكسجين

قلة الأوكسجين في البيئة المحيطة بالأم قد تؤثر أيضًا على نمو الجنين. هذا يمكن أن يحدث في حالات معينة مثل العيش في أماكن مرتفعة جدًا عن مستوى سطح البحر، حيث تكون نسبة الأوكسجين منخفضة.

ج. الحمل بتوأم

الحمل بتوأم أو أكثر قد يزيد من احتمالية صغر حجم الجنين، خاصة إذا كانت المشيمة لا توفر الكمية الكافية من الأوكسجين والمواد المغذية لكل جنين. التوأم قد يعاني من تقييد نمو داخل الرحم نتيجة تقاسم الموارد بين الأجنة.

5. العوامل المرتبطة بالجنين نفسه

أ. التشوهات الخلقية

قد تكون التشوهات الخلقية سببًا رئيسيًا لصغر حجم الجنين. بعض التشوهات قد تؤثر على النمو الطبيعي للجنين، مثل مشاكل في الجهاز العصبي أو القلب.

ب. عدوى الجنين

بعض العدوى التي تصيب الجنين خلال الحمل، مثل الحصبة الألمانية أو الزهري، قد تؤدي إلى صغر حجمه بسبب تأثير هذه العدوى على نمو الأنسجة والأعضاء الداخلية للجنين.

تشخيص صغر حجم الجنين

تشخيص صغر حجم الجنين يتم عادة من خلال الفحوصات الطبية المنتظمة أثناء الحمل. يعتمد الأطباء على فحوصات مثل:

• الألتراساوند (السونار): يستخدم السونار لقياس نمو الجنين وفحص عمره الحملي وتحديد ما إذا كان حجمه أقل من المتوقع.

• اختبارات الدم: يمكن أن تكشف بعض اختبارات الدم عن وجود مشاكل صحية قد تؤثر على نمو الجنين.

علاج صغر حجم الجنين

يختلف العلاج الموصى به بناءً على السبب الرئيسي لصغر حجم الجنين. في بعض الحالات، قد تكون الإجراءات الوقائية كافية مثل تحسين التغذية أو علاج الأمراض المزمنة لدى الأم. في حالات أخرى قد يتطلب الأمر تدخلًا طبيًا أكثر تعقيدًا مثل الولادة المبكرة إذا كان الجنين في خطر.

الخاتمة

يعد صغر حجم الجنين من القضايا الطبية التي تتطلب متابعة حثيثة منذ بداية الحمل. إن فهم الأسباب المحتملة لهذه الحالة يمكن أن يساعد في الوقاية منها وعلاجها بشكل مناسب. تعد الرعاية الصحية الجيدة والمتابعة الدقيقة أحد أهم العوامل في ضمان صحة الجنين والأم على حد سواء.